“الرضاعة الطبيعية: درع ضد سرطان الأطفال – نتائج رائدة من الدنمارك”
تحليلٌ ضخمٌ أجري في الدنمارك، بمشاركة أكثر من 300 ألف طفل، كشف عن أن الرضاعة الطبيعية حصراً لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر من عمر الطفل مرتبطة بتقليل خطورة تطور الأمراض الهيماتولوجية، خاصة سرطان الدم الليمفاوي الحاد. وفي الوقت نفسه، لم يؤثر هذا النوع من التغذية على خطورة تطور الأورام في الجهاز العصبي المركزي والأورام الصلبة. نُشرت نتائج الدراسة في مجلة JAMA Network Open.
أظهرت بعض الدراسات، بما في ذلك التحاليل الضخمة للبيانات، أنه بين الأطفال الذين تلقوا الرضاعة الطبيعية لمدة لا تقل عن ستة أشهر، كان خطر في تطور السرطان الليمفاوي الحاد يقل بنسبة تقريباً 20% مقارنة بالذين تغذوا على الرضاعة الطبيعية لفترة أقصر أو لم يتلقوها على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت دراسات أخرى أن الرضاعة الطبيعية تقلل من خطر تطور السرطان الليمفاوي النخاعي الحاد، وليمفومة هودجكين، وورم العصب الليمفاوي.
يتمتع هذا التأثير الذي يحدثه الرضاعة الطبيعية بأساسٍ بيولوجي موثق، حيث يلعب الحليب الطبيعي دوراً حاسماً في تشكيل البيئة الداخلية للأمعاء والجهاز المناعي للطفل. ووفقاً لهذا، يُعتقد أن الردود المناعية الغير طبيعية على المحفزات العدوانية تؤثر بشكل كبير على تطور السلف الخلوي B، والتي في كثير من الأحيان تكون الأساس المورفولوجي لسرطان الدم الليمفاوي الحاد.
بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الدراسات باستخدام نماذج الفئران ارتباطًا مباشرًا بين بيئة الأمعاء وبين عملية تكوين هذا النوع من الأورام. ومع ذلك، لا يزال غير واضح إلى أي مدى يمكن اعتبار مدة الرضاعة الطبيعية مثالية للوقاية من الأورام.
البحث العلمي
فريق من العلماء بقيادة سيجن هولست سويغارد من معهد السرطان الدنماركي قام بدراسة تصنيفية للسكان تشمل 309473 طفلًا وُلِدوا في الدنمارك منذ عام 2005 حتى عام 2018. كانت معلومات عن مدة الرضاعة الطبيعية متاحة لجميع الأطفال. خلال إجمالي 1679635 سنة شخصية مراقبة، تم تشخيص أورام سرطانية لدى 332 طفلاً (وسن المعالجة المتوسط في ذلك الوقت كان 4.24 عامًا): 124 طفلاً كانت لديهم أمراض سرطانية هيماتولوجية، و44 طفلاً كانت لديهم أورام في الجهاز العصبي المركزي، و80 طفلاً كانت لديهم أورام صلبة، و84 طفلاً كانت لديهم أورام خبيثة أخرى.
من بين الأطفال الذين تم تشخيصهم بأمراض سرطانية هيماتولوجية، كانت هناك 81 حالة من سرطان الدم الليمفاوي الحاد، منها 74 حالة كانت لديها سلف B-خلوي. كان هناك سبعة أطفال آخرين تم تشخيصهم بسرطان الدم النخاعي الحاد، والباقون تم تشخيصهم بليمفوما هودجكين.
كانت أكثر الأورام التي تم تشخيصها في الجهاز العصبي المركزي هي الاستروسيتوما، والإبنديموما، بالإضافة إلى الأورام الجنينية داخل الجمجمة وداخل العمود الفقري. كانت أكثر الأورام الصلبة شيوعًا هي أورام الكليت، والنيوروبلاستوما، وأورام الأنسجة اللينة.
بلغت النسبة النسبية لخطر تطوُّر أمراض الدم الليمفاوية 0.91 و 0.90 بعد تصحيح التوجيه اللوغاريتمي الخطي للمقارنة بين مجموعات الأطفال الذين تلقوا الرضاعة الطبيعية والذين لم يتلقوها. في التحليل المقارن بين فترات الرضاعة الطبيعية الحصرية الأقصر وتغذية الأطفال لمدة ثلاثة أشهر، تبيّن أن فترة الرضاعة الطبيعية الطويلة ترتبط بتقليل خطر تطوُّر الأمراض الهيماتولوجية (النسبة النسبية 0.66)، وكان انخفاض هذا الخطر بشكل أكبر مرتبطًا بتقليل خطر تطوُّر سرطان الدم الليمفاوي الحاد.
في الوقت نفسه، لم يتوقف خطر تطوُّر أورام الجهاز العصبي المركزي والأورام الصلبة والنيوروبلاستوما فقط على مدى الرضاعة الطبيعية. تؤكد نتائج هذه الدراسة الاستنتاجات السابقة حول الفعالية الوقائية للرضاعة الطبيعية فيما يتعلق بالأمراض الهيماتولوجية. ومع ذلك، اكتشف العلماء في هذه الدراسة أن حتى ثلاثة أشهر من الرضاعة الطبيعية الحصرية تحمل هذه الفعالية، ومن المتوقع أن يحدد الأطباء في المستقبل مقدار التأثير الوقائي لكل شهر من الرضاعة الطبيعية.