شلل النوم: بين العلم والوهم

شلل النوم: بين العلم والوهم

شلل النوم، المعروف أيضًا بالجمود النومي أو الشلل الليلي، هو حالة مؤقتة يفقد فيها الفرد القدرة على الحركة أو الكلام أثناء مرحلة الانتقال بين النوم واليقظة، سواء عند بدء الدخول في النوم أو عند الاستيقاظ. تعد هذه الحالة عكس السير النومي (المشي أثناء النوم)، حيث لا يحدث ارتخاء العضلات الطبيعي المصاحب للنوم.

الأساس الفسيولوجي:
يرتبط شلل النوم ارتباطًا وثيقًا بالشلل العضلي الطبيعي الذي يحدث خلال مرحلة نوم حركة العين السريعة (REM)، والتي تعرف بمرحلة الأحلام. يهدف هذا الشلل إلى منع الجسم من تمثيل الأحلام جسديًا، مما يحمي الفرد من إيذاء نفسه. لكن في حالة شلل النوم، يستعيد الدماغ وعيه بينما يظل الجسم في حالة شلل مؤقت قد تستمر من بضع ثوانٍ إلى دقيقتين، مع إحساس ذاتي بأن الوقت أطول.

الأعراض الشائعة:

  1. الشعور بالاختناق أو الضغط على الصدر (كأن ثقلًا يجثم عليه).
  2. هلوسات سمعية وبصرية، مثل سماع أصوات غريبة (خطوات، همسات) أو رؤية كائنات أو أشباح.
  3. الشعور بالرعب أو وجود كيان شرير في الغرفة.
  4. محاولات فاشلة للتحريك أو الصراخ مع إحساس بالانفصال عن الجسد.
  5. أعراض جسدية كتسارع ضربات القلب وعدم القدرة على التنفس بعمق.

الأنواع:

  • الشلل الهيباغوجي (Hypnagogic): يحدث عند بدء النوم، حيث يدرك الشخص مرحلة ارتخاء العضلات المفاجئ مع بقاء العقل واعيًا.
  • الشلل الهيبوبومبي (Hypnopompic): يحدث عند الاستيقاظ من مرحلة REM قبل اكتمال الخروج منها، فيظل الجسم مشلولًا رغم استعادة الوعي.

التفسير العلمي:
خلال دورة النوم العادية (٩٠ دقيقة لكل دورة)، يهيمن النوم غير الريمي (NREM) على ٧٥٪ من الوقت، حيث يتم إصلاح الأنسجة وتقوية الذاكرة. أما مرحلة REM فترتبط بالأحلام، ويعطل فيها الناقل العصبي “جلايسين” الإشارات الحركية. إذا استيقظ الشخص خلال هذه المرحلة، فقد يعاني من شلل النوم. لا يعد هذا الخلل علامة على اضطراب نفسي في الغالبية العظمى من الحالات، بل يعكس ببساطة عدم تزامن بين استيقاظ الدماغ وإفاقة الجسم.

التعامل مع الشلل النومي:

  • الهدوء وتذكير الذات بأن الحالة مؤقتة وغير خطيرة.
  • محاولة تحريك عضلات صغيرة (كأصابع اليد) لإنهاء الحالة أسرع.
  • تحسين جودة النوم عبر تجنب الإجهاد وتنظيم مواعيد النوم.
  • استشارة طبيب إذا تكررت الحالة بشكل مزعج، لاستبعاد أسباب مثل انقطاع النفس النومي أو القلق المزمن.

الخرافات والثقافة:
ارتبط شلل النوم تاريخيًا بكائنات أسطورية، مثل “الجاثوم” في التراث العربي، الذي يصور ككائن يجلس على الصدر ليلًا. لكن الفهم العلمي الحديث يحل محل هذه التفسيرات، مؤكدًا أن الظاهرة طبيعية ولا تعكس سوى تعقيدات آلية النوم البشري.